"التطبيب الشعبي... حكمة الطبيعة وتجارب الأجداد"

في زمن لم تكن فيه المستشفيات والأدوية الحديثة متاحة، اعتمد أجدادنا على خبرات متراكمة في التطبيب الشعبي استمدوها من الطبيعة المحيطة بهم. هذا التراث الطبي الشعبي، الذي توارثته الأجيال، يحمل في طياته حكمة عميقة وتجارب حقيقية مع النباتات والأعشاب المحلية.

نبات "الشيح" كان من أهم النباتات الطبية في التراث الإماراتي، يُستخدم لعلاج مشاكل الهضم والمعدة. أوراقه العطرة تُغلى في الماء ويُشرب المنقوع كعلاج طبيعي فعال ومجرب عبر القرون.

"الحرمل" نبات آخر له مكانة خاصة في التطبيب الشعبي، كان يُستخدم لعلاج آلام المفاصل والعضلات. بذوره تُحمص وتُطحن وتُخلط مع الزيوت لعمل مراهم طبيعية.

العسل البري الذي ينتجه النحل من أزهار السدر والغاف، كان يُعتبر دواء شاملاً لكثير من الأمراض. خصائصه المضادة للبكتيريا والفيروسات جعلته علاجاً مفضلاً لأمراض الجهاز التنفسي والجروح.

الحليب الطازج، خاصة حليب النوق، كان له دور مهم في العلاج والتغذية. غناه بالفيتامينات والمعادن جعله غذاء ودواء في آن واحد، خاصة لتقوية الجسم بعد المرض.

"الكركم" و"الزنجبيل" كانا من التوابل التي تُستخدم ليس فقط في الطبخ، بل كعلاج طبيعي للالتهابات ومشاكل الهضم. خلطهما مع العسل كان علاجاً شائعاً لنزلات البرد.

النساء المسنات في القرى كن يحتفظن بخبرات واسعة في التطبيب الشعبي، ويُشرن على العائلات في علاج الأمراض البسيطة. هذه المعرفة كانت تنتقل من الجدة إلى الحفيدة، مكونة سلسلة من الخبرة والحكمة.

اليوم، مع التقدم الطبي الهائل، يعود الاهتمام بالطب الشعبي كمكمل للطب الحديث. كثير من النباتات التي استخدمها أجدادنا أثبت العلم الحديث فعاليتها وأهميتها في العلاج.