"البحر والغوص... ملاحم من أعماق التاريخ"

على شواطئ الخليج العربي الدافئة، نسجت أجيال من الإماراتيين ملاحم بطولية في أعماق البحر بحثاً عن اللؤلؤ. مهنة الغوص لم تكن مجرد عمل، بل كانت نمط حياة شكل شخصية الإنسان الإماراتي وقيمه.

موسم الغوص كان يبدأ مع بداية الصيف، حين تهدأ الرياح وتصفو المياه. السفن الشراعية تحمل طاقمها من النواخذة والغواصين والطوابين في رحلة قد تستمر أشهراً عديدة. هذه الرحلات كانت مدرسة حقيقية للرجولة والصبر والتعاون.

الغواص، بشجاعته وخبرته، كان ينزل إلى أعماق البحر دون معدات حديثة، معتمداً على قوة رئتيه ومهارته في السباحة. النواخذة بحكمتهم وخبرتهم كانوا يقودون السفن إلى أفضل المواقع، ويديرون شؤون الرحلة بحكمة وعدالة.

أغاني البحر والنهمات كانت تملأ المساء بألحانها الشجية. هذه الأغاني لم تكن مجرد تسلية، بل كانت وسيلة للتعبير عن المشاعر وتخفيف أعباء العمل الشاق. كثير من هذه الأغاني وصلتنا محملة بالحكمة والجمال.

تجارة اللؤلؤ ازدهرت وجعلت من موانئ الإمارات محطات مهمة في طرق التجارة العالمية. أسواق اللؤلؤ في دبي وأبوظبي والشارقة كانت تستقطب التجار من مختلف أنحاء العالم.

اليوم، رغم انتهاء عصر الغوص التجاري، تبقى قيم البحارة الإماراتيين حاضرة في شخصية الإماراتي المعاصر. الشجاعة والصبر والعمل الجماعي والإخلاص، هذه القيم التي تعلمها الأجداد من البحر تواصل تشكيل هوية الشعب الإماراتي.